يداً بيد معكِ نحو ما يطمح إليه قلبكِ

الشعور بالإضطهاد

الشعور بالظلم والإضطهاد
من سناب أ. باسمه الكوس
الشعور بالظلم والإضطهاد مؤلم جداً و يسحب معه سلوكيات وتصرفات غاضبة أو انسحابية و أحياناً انتقامية و يظل حامل هذا الشعور يدور في دائرة البؤس، فبين شعوره المؤلم و سلوكياته الدفاعية تنمو فكرة ( أنا مسكين أنا مضطهد ) كيف أتصرف ؟ استسلم للظلم و اعتبر ذلك حظ سيء أندبه و أبكي عليه ؟ أم أقاومه و انتقم من الظالم ، و اتهام الظروف بأنها السبب في مشاعر : الحزن والقلق والتوتر و الألم والاضطهاد ، و اتهام الأشخاص أيضا بأنهم : كسروا و جرحوا و آلموا و دمروا شخصيته و الحقيقة :  أن الأحداث لا تجبرنا على استجابة سلوكية محدده ( ولا يوجد ظروف تجبرنا على شعور محدد ) نحن نختار أفكارنا و أسلوب تحليلنا للمواقف و بالتالي نتحمل ( مسئولية ) مشاعرنا المترتبة على أفكارنا ، كل انسان أعطاه الله نعمة التفكير لكن البعض ينحدر بتفكير غير عقلاني و مجانب للمنطق يجعله حزين متألم أو غاضب منفعل متهما ( الظروف ) أو ( الآخر ) على مشاعره التي نتجت من تفكيره و لم تنتج من الظروف والأحداث، فلا توجد ظروف تجبرنا على الحزن أو الألم و لا يستطيع شخص أن يكسر ثقتك بنفسك أو يشوه حياتك، أفكارك تزرع مشاعرك و مشاعرك تنبت سلوكك نظرتك للمواقف و الأحداث هي التي تصبغها و تحدد لونها، هل أعطيك دليلاً على قدرتك على التحكم بمشاعرك و أفكارك ؟

الخنساء ، فالخنساء حين توفي أخاها بكته في شعرها و نثرها و جزعت على وفاته ، و بعد استلامها توفي أبناءها الأربعة فى المعركة فما كان منها إلا أن قالت الحمدلله الذي شرفني بقتلهم، فمالذي جعلها تصبر و تتحكم بنفسها في مصيبة كهذه ؟ و هي نفسها رقيقة المشاعر التي انهارت عند وفاة أخيها ؟
تغيرت طريقتها في تفسير ( الظروف ) فالإسلام حين دخل قلبها وعقلها نسف نظام تفكيرها السابق و نصب بدلاً منه التفكير العقلاني المنطقي الإيماني الذي جعل انفعالاتها و مشاعرها متزنه و راقيه، الغريب في الأمر إن بعض الشخصيات تحمل فكر معين بناء على مواقف قديمة لربما حصلت في سن الطفولة و تتمسك بالفكرة الغير عقلانية و افرازاتها التعيسة من شعور بالظلم و الاضطهاد و سوء الحظ و تتحين حدوث مواقف تثبيت فكرتها،  و يصبح الشعور بالظلم و الضطهاد ملازم لها و جزء من كيانها النفسي و كأنها نظارتها التي ترى الحياة من خلالها فكل ما يحدث الها تراه ألماً و حزناً مع ظلماً و ظلاماً،  و حتى يؤكد سوء نوايا الآخرين و رغبتهم في ايذاءه يبدأ بالسلوكيات ( الاستكشافيه ) تتحسس ، تجسس ، كذب ، همز ، لمز ، تتبع أخبار ، نقل كلام ، غيبه ، نميمه . . و هلم جرا، و يتنصل من مسئوليته عن مشاعره ملبساً المسئوليه للآخر ، فيقول : فلان جرحني . . كسرني . . آلمني . . هز ثقتي بنفسي . . كرهني بذاتي و الحقيقه : أنه اختار البكاء و الإنكسار و الألم و هز ثقته بنفسه و بغض ذاته بتفسيره للأحداث بغير منطقية.

مثلاً : بالأمس كتبت مقالة توعوية تنويرية لمن ترضخ تحت ظالم جاءتني رسائل تشكرني عدى التوعية و الرقي الفكري ، و رسائل تتهم بالتخبيث و التخبيب و الشر المستطير لماذا اختلفت الرسائل ؟ لاختلاف الإدراك، كان سيدي الوالد اللواء المثقف الأديب اللبيب إذا ناقشته فشم رائحة السطحية و مجانبة المنطق رفع صوته العميق قائلا : لا يكن تفكيرك ضحلاً ( أي سطحياً ) فتعودت على تعديل تفكيري و جعله منطقياً عميقاً ملامساً للحكمة، عمقي تفكيرك . . و كوني منطقية و ارتقي عن التفسيرات السطحية التي تغرقك في بحار الهموم و سوء الظنون.