يداً بيد معكِ نحو ما يطمح إليه قلبكِ

كلام الناس ..

من سناب: أ.باسمة الكوس

اعتاد الناس في مجتمعنا السؤال عن حالك، وقد يتجرأون ويقدمون لك بعض الاقتراحات التي ربما لا تناسبك وتسبب لك ألم، ولم يكن مقصودهم إيلامك إطلاقا، قد يكون ذلك : مجرد فضول – أو نصح وتمني الخير، أما المتلقي للكلام فهو يفسره بطريقته الخاصة وما يغلب على ذهنه، ويرتبط ذلك بأفكاره الشخصية ومشاعره وقد ينقله التفسير إلى ضفة أخرى بعيده لم يقصدها المتكلم أساساً، وقد تعطي الموضوع أهمية أكبر من اللازم، وبدلاً من التفكير بكلامهم لدقائق تجعلي من عقلك مطحنة تطحن بلا توقف في كلامهم الذي قد يحمل إساءة وأذى واليوم سأكتب لك عدة رسائل اختاري منها ما يناسبك وصوريه وضعيه أمامك لتردي به على أفكارك الحزينة.

الفضول قد يكون وقاحة وتدخل في أمر لا يمكنك إطلاع الآخرين عليه، فلا تجعلي كلام الفضوليين مؤلمة، اعتبريه ( مجرد فضول ) وبالعادة الفضولي إذا وضعتي له حداً بكلمات حاسمة لكنها مهذبة سیلزم حده، لكن يبقى عليك عدم تذكر كلامه والتألم منه وتکرار تذکرہ.

النقد قد يكون الآخر وقحاً ويتدخل في شئونك بلباس النصح ولكنه يكون ناقدة، فيخطئك ويلومك وينتقدك ويقلل من سلوكك وتصرفك، فهنا يجب عليك أمرين :

 ١/ كوني حاسمة واطلبي منه بلطف أن يحترم سلوكك ولا يطالبك بتغييره.

 ۲ / عدم السماح لنفسك بالاستمرار بالتألم والتفكير واعادة الموقف في ذهنك.

 ٣ / لا تضخمي الموضوع في عقلك وتجعليه سكيناً تجرحي بها نفسك.

لماذا نتألم من كلام الآخرين ؟ لأننا كنا نتوقع منهم السكوت أو الكلام اللطيف ومراعاة مشاعرنا لأقصى درجة وهذا المتطلب ليس بمقدورنا تنفيذه ولا إرغام الناس عليه، ما بيدنا: التحكم بنفسنا وضبط انفعالنا والتخفيف على نفسنا وتصبيرها.

لماذا يتصرف الآخرون بطريقة وقحة ؟ لأن طبيعة البشر فيها الخير والشر وهذا منذ بدء الخليقة إلى يوم القيامة، لن ينقطع، واذا قلنا ( سأتألم ) واتألم حتى يقف الناس عند حدهم، فقد وضعتي لنفسك شروطاً مستحيلة للراحة، لأن الناس لن يتغيروا اطلاقاً فأول جريمة حصلت على وجه الأرض كانت من أخ حسد أخيه فقتله.

الناس تجرعوا على الله جل في علاه فقالوا يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا، ونسبوا لله البنات ولهم البنون واعترضوا على اختيار الله للنبي محمد، واتهموا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكذب والخيانة وأخرجوه من داره ورفع سيوفهم عليه فهل يعقل أن نتوقع منهم جميعاً السلامة ؟

لا تربطي بين قيمتك الذاتية ورضا الناس مهما كانت مكانتهم في حياتك ومهما كان قربهم منك، فقيمتك الذاتية لا ترتبط برضا الناس، فلا تجعلي رضاهم مطلباً تجتهدي من أجله، لم يخلقنا الله إلا لعبادته وإذا تعنت وتشدد القريب ( والدين أو ذو رحم ) فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، أتراه تعنت على حق ؟ وطلب ما هو معقول وممكن ؟ وهل يعقل أن تزني نفسك بميزان الآخرين ؟ وتبحثي عن قيمتك في عيونهم ؟

اجعلي شعارك في الحياة : رضا الله والجنة وكلما توجه لك نقدا أو تعييبا، اسألي نفسك هل كلامهم صحيح ؟ وسلوكي سيعيق دخولي للجنة ؟ ويغضب الله علي ؟ إذا كانت الإجابة بلا فهنا لك الحق بأن تفعلي ما تشاءين إذا كان لا يمس الآخر ولا علاقة له بحياته.

قولي لنفسك دائماً: رأيهم فيني لا يعنيني وقد تتجرأي يوماً على الوقحين وتقولي لهم : رأيك فيني لا يعنيني في من يتدخل في قراراتك الشخصية.

كلام الناس، سيغير مصيرك ؟ 

هل كلام الناس عنك بالسوء أو الانتقاص هل سيغير حقيقتك ؟ ويغير واقعك أم مستقبلك ؟ كلام الناس لا يقدم ولا يؤخر فلا تجعليه غايتك وهدفك ( فارضاء الناس غاية لا تدرك ) أن رأوا خيراً تكلموا عنك بالسوء ، و أن رأوا شراً أيضا سيتكلمون بالسوء، ففي كل الأحوال لن تسمعي منهم ما يسرك تماماً، تجاهلي كلامهم ولا تعطيه أهمية.

المعاملة بالمثل! إذا حاولتي مجاراتهم في أخلاقهم السيئة ستكونين مثلهم لا تنحدري إلى مستواهم ترفعي عن معاملتهم بالمثل.

 وكما قال الشاعر :

 إذا جاريت في خلق سفيهاً

 فأنت ومن تجاريه سواءُ

إذا سكت، سيظنون أني ضعيفة لا حبيبتي، إذا تكلمتي تكوني ضعيفة لأنك تفتحي لهم الباب للاستمرار في الأذى، ولكن ليس أي سکوت السكوت القوي، الذي لا انفعال فيه ( التجاهل التام ).

ما لك ومال رأيهم فيك ؟ كوني مستقلة، لا تجعلي رأيهم فيك سبباً السعادتك أو تعاستك، أنت أخبر بنفسك وربك أخبر بك منك بنفسك.