يداً بيد معكِ نحو ما يطمح إليه قلبكِ

الرفعة الحقيقية

في زمن اختلطت فيه الأمور و سميت بغير اسمها صارت الرفعة في الشهرة و في المنصب و الشهادة و في اظهار مظاهر الثراء من عرض للمتلكات و استعراض للمقتنيات و الرحلات ، و محاولة التقرب من هؤلاء بتقليدهم و نيل محبتهم لينالوا شيئا من شهرتهم و مكانتهم بين الناس ،و نسى الناس أو غفلوا عن الرفعة الحقيقية وهي القرب من الله العلي الكبير ، فهم يبذلون مالهم و جهدهم ووقتهم فيما يظهرهم على الناس و يشهرهم ولكنهم لا يبذلون مثل هذا الجهد في التقرب من الولي الحميد الذي بيده كل شيئ وهو على كل شيئ قدير.
الذي من تقرب إليه شبرا تقرب منه باعا و من تقرب منه باعا آتاه يمشي و من أتاه يمشي أتاه هرولة سبحانه الكريم جل في علاه .
إن ولاية الله هي الدرجة العالية الرفيعة التي يجب على المسلم أن يبذل جهده فيها ، وهي أن تحب الله و يحبك الله ، فيدافع عنك و يحارب من آذاك و يستجيب دعاؤك و يحمي سمعك و بصرك و يدك و رجلك من المعصية ، فأي نعيم هذا ؟
و هذه الدرجة الرفيعة ليست حصر على فئة معينة قال تعالى “ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون الذين آمنوا و كانوا يتقون “فهي درجة رفيعة ممكن اكتسابها لمن أراد و سلك الطريق : إيمان و تقوى .
كما بين من لا ينطق عن الهوى و كلامه وحيٌ يوحى ﷺ ،سبيل الولاية وهي الحفاظ على إقامة الفرائض فلا توجد عبادة هي أحب إلى الله من الفريضة و لذلك فرضها و ألزم المسلمين بها ، ثم المواظبة على السنن و النوافل ، و لا يزال العبد يحافظ على الفرائض و السنن و يمشي في دربه إلى الله يترقى من مرحلة إلى مرحلة حتى ينعم بالقرب من الله و ينال حبه وولايته و نصرته .
فإذا أحبه ؟ أقبل عليه الخير العميم من كل جانب و تولاه الله بكل خير ، فهو يحارب عنه من آذاه دون أدنى جهد منه ، و يحمي سمعه و بصره و يده و رجله من المعصية ، ليكون طاهراً من الذنب سليم القلب .

في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه:  إن الله قال ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) رواه البخاري
اللهم اجعلنا من أوليائك الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون